عش ملكا على نفسك!

المؤكد والأكيد أننا نمر في حياتنا بعدة حلقات بعدة تجارب وخبرات، وفي كل لحظة من حياتنا نكتسب الكثير من الحقائق حول العالم الذي نعيش فيه، بداية من حياتنا الأسرية مرورا بالأقارب والأصحاب، إلى المجتمع وإلى العالم أيضا.

وفي خضم كل هذا نتعلم، نفهم ونعتبر، فكيف الطريق إذا للوصول إلى الملكة المطلقة، ومتى أحصل عليها؟!

كل هذه التساؤلات تجعلك مستغربا ماذا نقصد تحديدا بالملكة، هل تعني أن أعيش ملكا حقيقيا أو أنها مجرد تعبير عن خيال لا يمكن الوصول إليها؟

أنا بالطبع سأجيبك وبكل سهولة عن كل هذه التساؤلات؛ لأنني أنا اليوم أعيش هذه المرحلة، وفي سن مبكرة أيضا، وهذا طبعا للظروف والمواقف التي مررت بها، ولهذا وددت أن أشارككم تجربتي البسيطة في الحياة، وأتمنى أن تفهموا جيدا أنكم يوما ما ستحققونها، فقط إذا تمعنتم فيما يلي.

بداية ماهي الملكة، وما هي حقيقتها، وما هي مقوماتها وإلى أين أصل بها؟

الملكة في مفهومها الشامل، هي القناعة المطلقة لما يستوجب على القيام به دون الضرر بأحد، أي أنني أعيش كما أريد مراعيا في ذلك القيم الأخلاقية والدينية، وهي باختصار العيش في هذا العالم ترضي نفسك بما يرضي الله.

فمثلا تلبس لباسا ممزقا وباليا دون أن تتأثر بنظرة الآخرين، فلا يهمك انتقاد أحد لك، ولا رأي أحد فيك نهائيا ما دمت أنت قد رضيت بما لديك، لأنك أنت مقتنع به، (فالملكة إذا هي أن أجعل نفسي ملكا على نفسي، أتحكم أنا بذاتي أقرر قراراتي بنفسي، أنفذ ما يستوجب تنفيذه وأمتنع عما يستوجب منعه)

وللوصول إلى هذه المرحلة يجب عليك المرور بعدة مراحل أهمها:

القرآن الكريم

اجعل القرآن الكريم مرجعك في كل شيء، فهو دستور الحياة الناجحة ومكسب قوي، وسلاحك في هذه الدنيا، فتعلم منه وخذ منه كل ما تحتاجه.

الوقت

لا تهدر وقتك في التفاهات بل استغله أحسن استغلال، وفي كل ما هو مفيد وقيم.

القناعة

“القناعة كنز لا يفنى “القناعة الحقيقية هي أن ترضى بما لديك وبما قدره الله لك، فلا تتذمر ولا تتجبر، واصبر لحكم ربك عسى أن يبدلك خيرا منه. <وبشر الصابرين.>

الخبرة والتجربة

أن تستفيد من تجاربك وخبراتك، وألا تتجاهلها إطلاقا.

حسن التدبير

أن تربط بين جميع العقليات التي مرت عليك في حياتك، وستتأكد حينها أن عقلك هو الوحيد المدبر لك؛ الذي يعطيك الطاقة لتعيش، إذا أحسنت استخدامه في الوقت والمكان المناسبين.

عدم المبالات

ألا تبالي بالانتقادات السلبية، وتستمر دون الرجوع إلى أحد، ما دمت أنت مقتنع اقتناعا كليا.

النضوج

هي أهم مرحلة تصل إليها، أنت ستصبح في هذه المرحلة ناضجا بما فيه الكفاية لتحقق في حياتك الكثير.

الاختلاف

أن تكون مختلفا عن الآخرين، أي أنك ستصبح غير مبال إطلاقا بتطورات العصر، فيمكنك أن تعيش إذا أردت حياة الريف أو حياة الحضارة، أو أن تمزج بينهما سواء في الأكل، المبلس، العلاقات وفي العمل أيضا.

التواضع

ستكون أيضا جد متواضعا، تتأقلم مع جميع العقليات ومع جميع الأعمار والمستويات، فلا يهمك لا فقير ولا غني، لا يهمك الجلوس مع الجاهل أو العالم، لا يهمك الكريم أو البخيل، ولا الكاذب ولا الصادق،

ستكون فقط مجرد رفيق لهم، لا تتأثر بأي منهم لأن كل هذه الأصناف مرت عليك، وتعرف جيدا كل واحد منهم، وأنت فقط ستكون معهم جليسا لا غير لا تأخذ منهم ولا تتأثر بما يقولونه، وستفعل أنت ما تريده.

الصدق والصراحة

ستكون أيضا صريحا جدا وصادقا أكثر مع نفسك ومع الآخرين، فأنت في هذه المرحلة لم تعد خائفا من إخفاء حقيقتك للناس، لأنك أنت مقتنع بنفسك ولا يهمك رأيهم ولا نصائحهم، لأنك ستفعل ما يستوجب فعله دون الرجوع إلى أحد.

الخجل

بعد اليوم أنت لن تخجل أبدا من أخطائك، ستعيش بعد ذلك مرتاحا أكثر متأقلما مع عيوبك، تواجه الأخرين برأس مرفوع وبثقة متناهية، لأنك فقط من صنع الخالق.

التشابه

سيبدو لك كل شيء متشابها، ولن يفرق عليك شيء سواء في المظهر والمأكل والمشرب، فلا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى، فلا يهمك مال كثير أو قليل، ولا يهمك إن كان ذهبا أو فضة أو حتى حديد ما دام كله لله الواحد الأحد، ولن يغنيك سوى رضى الرحمان.

التعويض

عوض دائما فشلك في أي شيء بشيء آخر أكثر ملائمة لك، غير واستبدل طريقتك وخطتك، ربما نجاحك في أي شيء يحتاج أن تقدم شيئا مختلفا تماما.

التجديد

عليك أن تجدد حياتك وتقدم لها الأفضل، حتى تصل إلى الأفضل وتحقق الملكة الأفضل.

بعد كل هذه المراحل والمقومات، أنت ستصل إلى الملكة وستكون ملكا على نفسك، فاجعل هذه المملكة في صالحك وصالح المجتمع وكن شخصا يحتذى به، كن عبرة لغيرك.

فالثقة شيئ مميز جدا القليلون وصلوا إلى هذه المرحلة وحققوا نجاحهم من خلالها، ينظرون نظرة المتأمل الواثق بنفسه،  فيحققون بذلك أحلامهم ونجاحهم لأنهم فقط نظروا لأنفسهم لا لغيرهم فكن أنت واحدا من هؤلاء.

هذا المقال بقلم حكيمة منصور، عضو وكاتب مساهم في فريق دار النجاح

القصور لا تكون قصورا إلا إذا كانت متميزة باتساعها وجمالها وكثرة غرفها، والحياة كذلك قصر كبير، فأي غرف من غرفها ستختار؟

مقالات ذات صلة:

جدّد حياتك

متعة الفكر أن تتفيَّأ ظلال كتابٍ له من الرُّقي الفكريِّ والسلاسة اللغويَّة والبراعة التحليليَّة، مع سلامة العقيدة ما يأسِرُك ويأخذ بتلابيب قلبك. وليس من السَّهل…

التعليقات:

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *